تأسس في 22 مايو 2012م
الرياضة .. والبيئة
2018-07-15 | منذ 6 سنة    قراءة: 6011
مفيد الحالمي
مفيد الحالمي


 قيل "العقل السليم في الجسم السليم". . ورغم ذلك يوجد مجانين يتمتعون بعضلات مفتولة وبنية جسمانية ممتازة .. ورغم ذلك بيد أن هذا لا ينتقص ولا ينال من صحة القاعدة المذكورة. . فالصحة البدنية تنعكس حتماً على الصحة الذهنية. . ومن ثم فإن الجسم السليم هو من مخرجات البيئة الرياضية السليمة.
فالبيئة الصحية ضرورية للرياضة الصحية. . وهذا العامل هو ما يمثل باعثاًً يحث الرياضيين للحفاظ علی بيئتهم.
ما نريد أن نقوله هنا هو أن ثمة علاقة وثيقة وارتباط أوثق يجمع ما بين الرياضة والبيئة. . وارتكازاً على ذلك فقد أصبحت البيئة هي البُعد الثالث في اللجنة الأولمبية الدولية.
كما عمدت العديد من الدول إلى تأسيس وإنشاء لجان وطنية للرياضة والبيئة.

وعلى خلاف المعتاد. . سنبدأ من حيث انتهت هذه العلاقة. . فترجمةً لهذا الإرتباط الوثيق أعجبني وأسعدني، كناشط بيئي، إختيار الإتحاد الدولي لكرة القدم(الفيفا) حيوان المدرع ليكون تميمة نهائيات كأس العالم في البرازيل 2014 م. وهو الحيوان الذي قال العلماء أنه يواجه خطر الإنقراض بسبب الصيد والتعدي على أماكن وجوده بحسب القائمة الحمراء للأنواع المهددة والتي يديرها الأتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.

ومن هنا نرى أن البطولات والفعاليات الرياضية تمثل إحدى أبرز وسائل التوعية ونشر الوعي البيئي لاسيما بالنظر إلى الجمهور الرياضي المترامي الأطراف.
فالرياضة تحظى باهتمامٍ عالمي حيث يشاهد ملايين البشر الأحداث الرياضية، وبالتالي لو أن هؤلاء الناس كانوا على وعي بالمعضلات البيئية التي تهددنا جميعاً لأصبحت رغبتهم في العمل للحفاظ على البيئة كبيرة ومجدية.

ومع كل هذا الوعي العالمي بالموضوعات البيئية. . ينبغي ألا يتردد الرياضيون العالميون في رفع الوعي بالمشكلات البيئية وبدأ العمل لحلها. . كما وأنه يمكن أن تكون الحشود الجماهيرية الرياضية هي الوسيلة الأهم لزيادة الاكتراث.

 والجدير بالذكر. . أن المعايير البيئية أضحت شرطاً رئيساً للفوز بالاستضافة لأي بطولة أو دورة دولية رياضية. . فلقد أصبحت البيئة أحد أهم المعايير لتقييم وإختيار المدن التي تستضيف الألعاب والبطولات الرياضية والأولمبية. . كما أن لها أولوية في الإعداد للألعاب. . وتلتزم اللجان المنظمة للبطولات الرياضية بتطبيق نظام إدارة بيئي.
وذلك بالنظر إلى أن المرافق الرياضية والفعاليات والبنى التحتية تعد ذات تأثير كبير على البيئة. . كما أن إستهلاك الطاقة وتلوث الهواء وتأكل الاوزون والتخلص من المخلفات واستعمال المخلفات يؤثر على التنوع الحيوي. . وهي المواضيع التي يجب أن يتناولها العالم الرياضي.
ومن ثم فقد أصبح من الشروط الرئيسية إلزام الجهات المعنية بإنشاء ملاعب وبنى تحتية رياضية بطريقة مستدامة. . وليس هذا فحسب. بل وفرض المواصفات والمقاييس الصديقة للبيئة علی الملابس الرياضية والمنشآت الرياضية والمعدات الرياضية وغيرها. . وكل ما من شأنه تعزيز وتطبيق مبدأ ومفهوم الألعاب الخضراء.


- ولما كان من المعلوم أن التلوث البيئي يؤثر على الصحة والتدريب والأداء الرياضي سواء أكان تلوث هواء أم تلوث ماء أم إرتفاع درجة الحرارة أم غير ذلك. . فإن من شواهد هذا التأثير البيئي علی الرياضة هو، على سبيل المثال، أن الظروف المناخية قد تتسبب في تأجيل مباراة رياضية. . بل وقد تسبب في تعطيل الحركة الرياضية برمتها.

وكذا التاريخ الرياضي حافل بالأدلة التي تؤكد أن العوامل البيئية المناخية لطالما ساهمت في تشكيل نتيجة المباراة لصالح فريق على حساب فريق آخر.

لذا. . تحرص المنتخبات قبل أي بطولة رسمية على أن يكون المعسكر التدريبي في مناخ مماثل لمناخ الدولة المستضيفة.


- وكما أسلفنا:
أي دولة لا تنال شرف إستضافة البطولة إلا بتقديم وعود والتزامات بيئية. . فالمدن المستضيفة تلتزم بتوفير وسائل نقل صديقة للبيئة مثل قطارات الأنفاق والدراجات الهوائية وتلتزم بتدوير نفايات الدورة، على الاقل 70% منها، والمطاعم والمتاجر تستخدم أغلفة وعلبا قابلة للتحويل إلى سماد. . ومن الإشتراطات البيئية أن 20% من الطاقة في الميدان الأولمبي لابد أن يكون من مصادر متجددة وغالبا لا يتعدى 9%، وأن تكون 20% من مواد الإنشاء من مصادر معاد تدويرها. . والمدهش أن الخطة المتعلقة بإعادة التدوير وإعادة الإستعمال لن تقتصر على القوارير والعلب وأغلفة السندوتشات، بل أن بعض الملاعب سيعاد تدويرها، فمباريات القدم سوف تقام في ملعب يمكن تفكيكه ونقله وإعادة استعماله بعد إنتهاء البطولة، وهذا يبشر بعصر جديد حيث يمكن إقامة أحداث رياضية كبرى في ملاعب متنقلة.

وإستكمالاً لسلسلة المعايير والإشتراطات التي تجعل من الرياضة صديقة للبيئة نذكر أن الملاعب تزخر بالحدائق ومسطحات خضراء أشبه بمحميات طبيعية. . وكذا يتم تخفيض كمية ماء الشرب الذي يستهلك في المنشآت الرياضية الجديدة بنسبة 40% بتركيب أدوات صحية كفؤة والري بماء غير صالح للشرب. . ويلزم أن يكون الملعب أخف وزناً 75 في المئة من المنشآت الرياضية القديمة التقليدية. . ناهيك عن كون الميدان الأولمبي يضم موئلا للحياة البرية مساحة 45 كهتار يحوي 525 صندوقا لتعشيش الطيور و 150 للوطاويط. . ومما يشترط أيضا هو جعل الألعاب محايدة كربونياً، بما في ذلك مقايضة انبعاثات السفريات الدولية.


- (كيف تقدم المدينة نفسها كمدينة خضراء؟). . هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه فلقد أصبحت البيئة رقماً صعباً في معادلة إستضافة وإقامة الأحداث والفعاليات المليونية مع تنامي النشاط الصناعي بشكل ضخم للغاية في الآونة الأخيرة وتنامي معدلات بصورة غير مسبوقة. . فلم تعد اللجان المسئولة عن إختيار المدن التي تستضيف الفعاليات الرياضية الضخمة يسيل لعابها أمام ملفات المدن الصناعية الكبرى في العالم، بل على العكس أصبح النشاط الصناعي اللا محدود وغير الملتزم تجاه البيئة عنصراً طارداً لإستضافة الفعاليات. إذ كيف نأتي بمليون إنسان إلى مصيدة التلوث والعوادم والغازات



مقالات أخرى للكاتب

  • أحمد راضي.... أيقونة الكرة العراقية
  • ☆ ريالي يحب (ميسي)!!
  • القات .. ومنتخبنا الوطني

  • التعليقات

    إضافة تعليق