تأسس في 22 مايو 2012م
ياسين يبكى الفرنسيين
2014-09-23 | منذ 10 سنة    قراءة: 2554
 عزالدين ميهوبي
عزالدين ميهوبي

عندما شاهد الفرنسيون ياسين إبراهيمي يسجّل الهدف تلو الآخر مع فريقه البرتغالي بورتو، بكوا كثيراً، لأنّهم أضاعوا جوهرة حقيقيّة، ثلاث مرّات.

الأولى عندما لعب لمنتخب الأصاغر ولم يقدّروا موهبته وتركوا الحاج روراوة يختطفه ليلاً ويضمُّه لمحاربي الجزائر، والثّانية لأنّهم تركوه يغادر الدّوري الفرنسي نحو فريق إسباني متواضع اسمه غرناطة، وكأنّ الفتى الأسمر ابن مدينة المنيعة في قلب صحراء الجزائر، كان يشمّ رائحة أجداده هناك.

والثّالثة أنّهم لم يقدّموا له عرضاً بعد تألقه في المونديال وتركوا بورتو يأخذه من دون أن يحاول موناكو أو باريس سان جيرمان أو مارسيليا بتقديم عرض له، وهو لا يبدي حرجاً في العودة إلى البيئة التي بدأ فيها مشواره مع الجلد المنفوخ..

ياسين الطفل الهادئ المؤدّب الخجول العاشق للكرة يتحوّل في الملعب إلى شيء آخر، لا يفكّر إلا في الفوز، وإمتاع الجماهير.. ففي مباراة بورتو وبوريسوف نجح في تسجيل ثلاثة أهداف جميلة، وهو الذي يقول إنّ دوره لا يكمن في التهديف، ولكن في المساعدة على ذلك.. إلاّ أنّ موهبته انفجرت، ليكون أوّل لاعب عربيّ يسجل ثلاثة أهداف في مباراة واحدة في دوري أبطال أوروبا ليلحق به مواطنه هلال سوداني قلب هجوم دينامو زغرب بثلاثية في شباك أسترا الرّوماني.

وهزّ هذا الأداء المميّز لياسين مشاعر الإعلام الأوروبي والفرنسي خاصّة، الذي لم يهتم كثيراً لتعادل باريس وأياكس، ولم ينزعج لكثير من هوامش المباريات الأخرى، لكنّ ياسين كان العنوان البارز في تعليقات الصحف والمواقع الإلكترونية، من ذلك أن موقع «ليكيب» طرح سؤالاً: «لماذا أضاعت الليغا الفرنسية إبراهيمي؟» بينما أفرد «سو فوت» الشهير، مقالة مطولة بعنوان: «هل دقّت ساعة إبراهيمي؟»، إذ توقّف طويلاً عند موهبة اللاعب الفنّان، وأشار إلى أنّ الصحافة البرتغاليّة لم يعد لها من حديث سوى ياسين الذي اختير أفضل مراوغ في الليغا الإسبانيّة متفوّقاً على ميسي ورونالدو وإنييستا، فهو يمتلك مهارات عالية، وقادر على مداعبة الكرة بأسلوب لا يتقنه غيره، وهو ما يعشقه البرتغاليون، ويستدلّ الصحافيان وليم بيريرا وسوان بورسيلينو بما ورد في موقع «مايسفوتبول» البرتغالي، حين كتب بحرارة «احتفظوا بهذا الإسم.. إنّه نابغة»، ويعني بذلك إبراهيمي الذي استقدمه بورتو بستة ملايين ونصف المليون يورو، وهو بعد ثلاث مباريات يضاعف قيمته بصورة صاروخيّة..

فعلى رّغم من أنّه كان يمثّل «توابل» فريق رين الفرنسي، ويمنح جمهور الفريق نكهة مختلفة، إلاّ أنّ خلافاً دار بينه وبين مدرّبه آنذاك بيار ديوروسي الذي لم يستشعر حاجة ياسين إلى تفجير طاقته في بطولة أقوى وفريق يملك مشروعاً أكبر.. فأوصد الباب ليتجه نحو الأندلس. وهو الذي قال: «كنتُ أبحث عن بطولة يعشق فيها النّاس أطفالاً وكباراً، وعجائز كرة القدم.. إنّها لعبة العائلة، وهذا لا يمكن العثور عليه إلاّ في إسبانيا». لهذا تألّق في غرناطة.. على تواضعها.

خسرته الديّكة وكسبه المحاربون، فأبدع في المونديال، ليكون محلّ عروض محتشمة، لكنّ تأكيد اللاعب عن موهبته وفاعليته أعاد الحديث عن إمكان انتقاله إلى فريق من الصفّ الأوّل.. وشخصياً بعثت رسالة لناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان، وقلتُ له ألم تفكّر بعد في جلب لاعب من طينة ياسين إبراهيمي أو رياض محرز لاعب ليستر سيتي لتسعد عرب فرنسا في أقوى فرقها باريس سان جيرمان؟ ما زلتُ أنتظر الجواب، وإن كنتُ أشعر أن ناصر سينتصر لرأيي ورأي مئات الآلاف من بني جلدة ياسين.



** نقلا عن صحيفة "الحياة" اللندنية


مقالات أخرى للكاتب

  • عندما يبكي ماراكانا

  • التعليقات

    إضافة تعليق