تأسس في 22 مايو 2012م

10محطات تاريخية في حياة “العبقري” الجوهري

الرياضي / متابعات
2012-09-12 | منذ 12 سنة

10 محطات تاريخية في حياة “العبقري” الجوهري

فقدت الكرة العربية قبل أيام أحد الرموز الشامخة في التاريخ الطويل لكرة القدم فيها، فقد غادر المدرب المصري الشهير محمود الجوهري الحياة واختار جوار ربه بعد مسيرة حافلة بالعطاء زاخرة بالانجازات لاعبا ومدربا، أكد من خلالها أنه أحد “عباقرة” التدريب بل هو أحد “الصنّاع” الحقيقيين فيها، حيث أشرف الفقيد الكبير على تخريج أجيال وأجيال وقاد عدة منتخبات العربية وأندية في وطنه مصر، مرورا بالسعودية وسلطنة عمان والإمارات وانتهاء بالأردن.

ولأن المسيرة التاريخية الطويلة لهذا الرجل الذي توفى عن عمر الـ74عاما، وقضى منها 58 عاما في الملاعب رفقة كرة القدم منذ أن بدأ لاعبا ومن ثم مدربا شابا مرورا بمرحلة التطور المستمرة إلى أن أصبح رمزا تاريخيا وانتهاء بفترة عمله في الأردن مديرا فنيا للإتحاد المحلي ومستشارا للأمير علي بن الحسين رئيس الإتحاد، فإن هذا الرمز الكبير يستحق الوقوف على أبرز المحطات التي ميزت مسيرته الكروية الطويلة، ورغم أنها كثيرة جيدا، إلا أننا انتقينا أبرز 10 مناسبات في حياة الجوهري.

كأس أفريقيا 1959: بعد أن ظهرت براعته في لعب الكرة، انضم الجوهري للنادي الأهلي قبل أن يبلغ السابعة عشرة، وسرعان ما أثبت قدراته الكبيرة وانضم لصفوف المنتخب المصري الذي خاض ثاني بطولة لكأس أمم أفريقيا في العام 1959، حافظ المنتخب المصري على اللقب وذلك بفضل ثلاثة أهداف أحرزها الجوهري من أصل ستة سجلها الفريق، ليتوج الجوهري بلقب الهداف ويرفع الكأس الكبيرة ليكون أحد صناع التاريخ من هذه البطولة.
تدريب الأهلي: عانى الجوهري من الإصابة قبل أن يكمل السادسة والعشرين من عمره، ورغم أنه سافر للعلاج إلا أنه أجبر على الاعتزال المبكر، ونظرا لموهبته الفذة وقدراته القيادية فقد اتجه نحو عالم التدريب دون تأخير، وانخرط بدورات وتجرّع الخبرات، وقاد فرق الناشئين بفريق الأهلي، قبل أن تعهد إليه مهمة كبيرة ألا وهي قيادة فريقه الذي نقله لعالم الشهرة. تولى الجوهري تدريب النادي الأهلي في حقبة الثمانينات، ونال معه بطولات محلية، ولكن ما يعتبر تاريخيا الحصول على أول ألقاب “الشياطين الحمر” في كأس الأندية الأفريقية البطلة في العام 1982.

تدريب الزمالك: لم يكن مسموحا أن ينتقل اللاعبون أو المدربون بين الغريمين التقليديين “الأهلي والزمالك” لكن الجوهري دخل البيت الأبيض مطلع التسعينيات، بعد أن عرضت عليه صلاحيات لإحداث التغييرات المناسبة والنهوض بالفريق، وقبل الجوهري التحدي الكبير، وقام “بثورته” الشاملة وقاد الزمالك للفوز بأولى ألقابه في بطولة كاس أفريقيا للأندية أبطال الدوري، ولم يكتف بذلك بل أتبعها بلقب كأس السوبر الأفريقية التي تواجه فيها مع منافسه الأهلي في جنوب أفريقيا وهي المواجهة الأولى في تاريخهما الطويل التي تلعب خارج مصر، كسب الزمالك اللقاء بهدف وحيد.

تصفيات كأس العالم 1989: بعد أن أظهر حنكته التدريبية، عهد الإتحاد المصري مهمة قيادة المنتخب الوطني في تصفيات كاس العالم المؤهلة لنهائيات إيطاليا 1990، وقع المنتخب المصري في المجموعة الثانية إلى جانب ليبيريا ومالاوي وكينيا، ونجحت مصر في تصدر الترتيب بثلاثة انتصارات وتعادلين وهزيمة وحيدة، ليتأهل للدور النهائي لمواجهة الجزائر، تعادلا ذهابا 0-0 وفازت مصر إيابا 1-0 بهدف حسام حسن ليتحقق التأهل التاريخي يوم 17 نوفمبر/تشرين ثاني، وسط حضور جماهيري هائل في ستاد القاهرة الدولي، ليُرفع الجوهري على الأكتاف ويصبح أنشودة المصريين بعد أن كان الربان الماهر للسفينة المصرية التي بلغت شواطئ المونديال.

كأس العالم 1990: بعد فترة من التحضيرات عمل فيها الجوهري على تهيأة الفريق بالطريقة المثلى حيث لعب مع مدارس عالمية، أتى اليوم الموعود حين ظهرت مصر للمرة الثانية فوق مسرح نهائيات كاس العالم FIFA بعد غياب استمر 56 عاما، أي منذ البطولة الثانية في إيطاليا 1934. أوقعت القرعة مصر مع ثلاثة منتخبات من الوزن الثقيل، هولندا وانجلترا وأيرلندا. اعتقد الجميع أن مصر بقيادة الجوهري ستكون “لقمة سائغة” لدى المنافسين، لكنهم أبانوا عن قدرات فنية وتكتيكية هائلة أبهرت العالم بأسره، فانتزعت مصر التعادل من هولندا 1-1، ثم أيرلندا 0-0، وكان يمكن لهم التأهل للدور الثاني في حال تفوقوا في المباراة الأخيرة أمام انجلترا، لكنهم تعرضوا لهزيمة صعبة 0-1، ليودعوا المونديال وسط إعجاب الملايين.

كأس أفريقيا 1998: تعددت مراحل تولي الجوهري للمنتخب المصري، لم ينجح الفراعنة في التأهل لكأس العالم 1998، ولم يكن هناك أدنى وقت للتحضير لخوض معركة كأس أفريقيا 1998 التي جرت في بوركينا فاسو، لم ينل الفريق ترشيحاته المعتادة كونه أحد الكبار، بل كان الرهان على الخروج المبكر. وحده الجوهري أراد إثبات قدراته القيادية من جديد، فدخل البطولة ولعبها بسياسة “خطوة خطوة” ليتأهل لربع النهائي ويهزم كوت ديفوار بالترجيح، ثم بوركينا فاسو في نصف النهائي 2-0، وفي الموقعة النهائية خطط الجوهري بحنكة لإسقاط حامل اللقب جنوب أفريقيا ففازت مصر 2-0 وتوجت باللقب بعد 12 عاما من الجفاء، وبذلك أصبح الجوهري أول أفريقي يتوج باللقب القاري لاعبا ثم مدربا.

تصفيات كأس العالم 2001 وكأس أفريقيا 2002: تولى الجوهري تدريب المنتخب المصري للمرة الرابعة، وكانت تصفيات كأس العالم 2002 على أشدها، حيث حكمت القرعة تواجد الفراعنة في مجموعة واحدة مع السنغال التي تأهلت وأبهرت الجميع في المونديال الآسيوي، اضافة للمغرب والجزائر وناميبيا، حلت مصر ثالثة بفارق نقطتين فقط عن السنغال المتأهلة والمغرب الثانية. وفي العام 2002 تأهلت مصر لربع نهائي كأس أفريقيا بفوزين على تونس وزامبيا، ولكن الكاميرون انتزعت الفوز الصعب 1-0 قبل أن تذهب لتحرز اللقب القاري، وليختتم الجوهري بذلك مشواره مع المنتخب المصري في 4 فبراير/شباط 2002.

كأس آسيا 2004: بحثت الأردن عن ملهم لقيادة منتخبها الوطني للمستوى القاري، فنجح الإتحاد المحلي في إقناع الجوهري بتولي هذه المهمة، منح الصلاحيات وبدأ المدرب القدير مهمة التغيير، كان الهدف الأول بناء منتخب قادر على بلوغ كأس آسيا للمرة الأولى. أعد الجوهري العُدة وخاض التصفيات ونجح في تحقيق الهدف، وتأهلت الأردن إلى جانب إيران. حان الموعد المنشود، الأنظار مسلطة نحو الصين 2004، حيث كان الظهور الأول للنشامى. أوقعت القرعة الأردن إلى جانب كوريا الجنوبية والكويت والإمارات، ونجح المنتخب الجديد على الساحة الآسيوية في كبح جماح النمر الكوري بالتعادل السلبي، ثم حقق الفوز “المستحيل” على الكويت في الوقت بدل الضائع 2-0، ثم كسب ورقة التأهل التاريخية بتعادل سلبي مع الإمارات. في ربع النهائي تواجه الأردن مع اليابان، وقرر الجوهري الهجوم ورغم التسجيل المبكر تعادلت اليابان، لكن المعركة الطويلة امتدت حتى ركلات الترجيح، لم يتبقى على انتصارالأردن سوى هدف واحد، لكن الحظ وقف معاندا ومنح اليابان الفوز. لتودع الأردن البطولة مرفوعة الرأس.

تصفيات كأس العالم 2006: بعد أن نجح الجوهري في بلوغ كاس آسيا، بات الحديث ينصب في الأردن على التأهل لكأس العالم 2006. عادت القرعة لتضع الفريق أمام إيران ومعهما قطر ولاوس، حقق النشامى ثلاثة انتصارات متتالية، كان الثالث هو الأكثر أهمية، حيث كانت المواجهة مع إيران تدور في ملعب آزادي في العاصمة طهران. سبق للأردن أن خسر هناك 1-4 في تصفيات آسيا، وتوجس الجميع من تكرار الأمر، لكن الجوهري هذه المرة، عرف الحل وحققت الأردن فوزا ثمينا بهدف وحيد. كانت هي الخسارة الأولى التي يتعرض لها الإيرانيون في التصفيات المونديالية على ملعبهم منذ 60 عاما. لم يكتب للأردنيين أن يواصلوا الطريق في هذه التصفيات جراء الضغط الهائل الذي وقعوا “فريسة” له، فخسروا إيابا أمام إيران 0-2، ورغم أن قطر كادت أن تعيد الأمل بعرقلتها لإيران بالتعادل، لكن ذلك لم يكتمل في اللحظات الحاسمة وفازت إيران. كان الجوهري رفقة الأردن في لاوس، تعرض في طريق العودة من هناك لأزمة قلبية ونقل من المطار للمستشفى، وخرج بحمد الله واستمر في قيادة الفريق.

تصفيات كأس آسيا 2007: حاول الجوهري تجديد دماء المنتخب الأردني في التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2007، أوقعت القرعة الفرق رفقة الإمارات وعمان وباكستان، حل الأردن ثالثا بفارق نقطتين عن عُمان الثانية ولم يتأهل المنتخب، كان الجوهري قد أعلن أعتزاله التدريب بعد نهاية التصفيات، فكانت مواجهة سلطنة عمان يوم 15 نوفمبر/تشرين ثاني من العام 2006 هي الأخيرة له في مشوار تدريبي طويل، رفع الجوهري على الأعناق من قبل لاعبيه.

عاد الجوهري لمصر وعمل مديرا فنيا للإتحاد المحلي، لكنه لم يستمر في مهامه، وعاد من جديد للأردن ليتولى نفس المهمة، فأصبح مخططا لكرتها، ونفذ برامج طورت من أداء المنتخبات العمرية، وباتت القاعدة هناك أقوى وأوسع.

ظل الجوهري – رحمه الله – في المتابعة الميدانية حتى صبيحة تعرضه للمرض فنقل في ذات اليوم الأخير إلى المستشفى لتصعد روحه إلى السماء من العاصمة الأردنية عمان.


آخر الأخبار